هل يحصل طرد الشياطين عند تلاوة سورة البقرة من البيت ولو مع وجود منكرات ؟.
السؤال:
تلاوة سورة البقرة في البيت تطرد الشيطان ثلاث ليال أو ثلاث أيام ، فهل يحصل ذلك حتى وإن كان البيت لا يخلو من منكرات ؟ سواء كانت منكرات ظاهرة ، مثل : تشغيل التلفاز ، ومشاهدة الأخبار التي تحتوي على موسيقى أو أي منكرات أخرى .
الجواب :
الحمد لله
ثبت في السنة أن قراءة سورة البقرة تطرد الشيطان من البيت وينفر عند سماعها .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ( لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ ) رواه مسلم (780) .
قال النووي رحمه الله تعالى :
" (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ) هكذا ضبطه الجمهور (يَنْفِرُ) ورواه بعض رواة مسلم (يَفِرُّ) وكلاهما صحيح " انتهى من " شرح صحيح مسلم " (6 / 69) .
لكن هذا الحديث لم يقيد مدة فراره بزمن معين .
وأما الحديث الذي قيده بثلاثة أيام أو ثلاث ليال ؛ فهو حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامًا ، وَإِنَّ سَنَامَ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ ، مَنْ قَرَأَهَا فِي بَيْتِهِ لَيْلًا ؛ لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلَاثَ لَيَالٍ ، وَمَنْ قَرَأَهَا نَهَارًا ؛ لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ) رواه ابن حبان في صحيحه (777) .
وهذا الحديث فيه ضعف ، كما بينه الشيخ الألباني في " سلسلة الأحاديث الضعيفة " (3 / 525) ، وقال : ولم نجد للحديث شاهدا نقويه به ، إلا طرفه الأول منه . انتهى .
ولهذا لا نستطيع الجزم بالمدة التي يبتعد فيها الشيطان عن البيت عند سماعه لسورة البقرة .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى :
" ولكن لا يلزم من فراره أن لا يعود بعد انتهاء القراءة ، كما أنه يفر من سماع الأذان والإقامة ، ثم يعود حتى يخطر بين المرء وقلبه ، ويقول له : اذكر كذا ، واذكر كذا . . كما صح بذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم .
فالمشروع للمؤمن أن يتعوذ بالله من الشيطان دوما ، وأن يحذر من مكائده ووساوسه وما يدعو إليه من الإثم " انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (24 / 413 – 414) .
والمقصود من الحديث هو بيان فضيلة سورة البقرة ، والحث على المواظبة على قراءتها .
ولا شك أن المواظبة على تلاوتها بتمعن وتدبر ، والسعي في امتثال أوامرها ونواهيها ، كل هذا يضعف الشيطان ، ويبعد تسلطه واستحواذه على أهل هذا البيت ، لأن الشيطان إنما يستحوذ على الغافلين عن ذكر الله بقلوبهم وألسنتهم .
وفعل المنكرات هو صورة من صور الغفلة عن ذكر الله بالقلب ، وهذه الغفلة هي باب لولوج الشيطان للبيت ومصاحبته لأهله .
فينبغي للمسلم ، مع اجتهاده في تلاوة سورة البقرة حق التلاوة ؛ أن يسعى قدر جهده في إزالة المنكرات من بيته ، لئلا تضعف المنكرات في بيته ، تحصنه بذكر الله ، فيتسلط الشيطان عليه بما فرط وضيعه من حفظ أبوابه ، وثغوره عن عدوه .
والله أعلم .