في الرابع والعشرين من شهر رمضان من عام 20 هـ شرع المسلمون تحت قيادة عمرو بن العاص في بناء أول مسجد للمسلمين في مصر خاصةً والقارة الإفريقية عامةً ، وقد بنى عمرو بن العاص المسجد وكان ما حوله حدائق وأعناباً ، فنصبوا الحبال حتى استقام لهم ، ووضعوا أيديهم فلم يزل عمرو قائماً حتى وضعوا القبلة .
وكان المؤذن الراتب في ولاية عمرو لهذا المسجد أبا مسلم اليافعي ، وكان من عادته تبخير هذا المسجد .
وقد لُقب مسجد عمرو بن العاص بعدة أسماء مثل (( المسجد الجامع ،، مسجد النصر ،، المسجد العتيق )) وغيرها من الأسماء الأخرى .
وقد ذكر ابن عبد الحكم في فتوح مصر أعمال الترميم والتوسعة التي أُحدثت في مسجد عمرو حتى خلافة المأمون العباسي ، فقال : (( إن مسلمة بن مخلد الأنصاري زاد في المسجد الجامع بعد بنيان عمرو له ، ومسلمة الذي كان أخذ أهل مصر ببنيان المنار للمساجد كان أخذه إياه بذلك في سنة ثلاث وخمسين ، فبنيت المنار وكتب عليها اسمه ثم هدم عبد العزيز بن مروان المسجد في سنة سبع وسبعين وبناه ثم كتب الوليد بن عبد الملك في خلافته إلى قرة بن شريك العبسي ، وهو يومئذٍ واليه على أهل مصر فهدمه كله وبناه هذا البناء - أي ما كان على عهد ابن عبد الحكم - وزوقه ، وذهب رءوس العمد التي هي في مجالس قيس وليس في المسجد عمود مذهب الرأس إلا في مجالس قيس ، وحول قرة المنبر حين هدم المسجد إلى قيسارية العسل ، فكان الناس يصلون فيها الصلوات ويجمعون فيها الجُمع ، حتى فرغ بنيانه ثم زاد موسى بن عيسى الهاشمي بعد ذلك في مؤخره في سنة خمس وسبعين ومائة ثم زاد عبد الله بن طاهر في عرضه بكتاب المأمون بالإذن له في ذلك سنة ثلاث عشرة ومائتين ، وأدخل فيه دار الرمل ودوراً أخرى من الخطط )) .
واهتم الخلفاء والأمراء والسلاطين والمماليك بتوسعة المسجد وترميمه حتى قال ابن فضل الله العمري في موسوعته التي ألفها في القرن الثامن الهجري (( المسالك )) : (( مسجد عمرو بن العاص مسجد عظيم بمدينة الفسطاط بناه موضع فسطاطه وما جاوره ، وموضع فسطاطه حيث المحراب والمنبر وهو مسجد فسيح الأرجاء ، مفروش بالرخام الأبيض وعمده كلها رخام ، ووقف عليه ثمانون من الصحابة وصلوا فيه ، ولا يخلو من سكنى الصلحاء )) .
ولا يزال مسجد عمرو بن العاص له المنزلة الكبرى والمكانة العظمى في قلوب أبناء مصر خاصةً في شهر رمضان حيث يبلغ عدد المصلين في يوم السابع والعشرين من رمضان من كل عام أكثر من نصف مليون مصلِ يصلون خلف الشيخ الفاضل محمد جبريل .
|